والمطر نافع بنفسه إذا لم تصاحبه الظلمات والرعد والبرق ، وكذلك إظهار الإيمان هو نافع إذا وافقه الباطن ، وإلّا فلا يستقيم إيمان ظاهر من غير محتوىٰ وتصديق له في العمل سرّاً وعلناً.
فإنسان تحيط به ظلمات السحب والمطر والليل مضافاً إلىٰ رعب هذه الظلمات والصواعق المحيطة به ، وهو واقع في حيرة من أمره ، لا يخرج منها إلّا وقد فاجأته حيرة جديدة واضطراب آخر ، كيف يمكن أن نتصوّره إذن ؟ وهذه الصورة جسّدها المثال الثاني في القرآن الكريم لبيان حيرة نفس المنافق وقلقه.
النفاق تشكيك وطعون
أراد النفاق المهزوم عبر طريقته في التشكيك أن يطعن في اسلوب المثل القرآني ، وينتقص من حالات ضربها القرآن الكريم أمثلة ، فقالوا : أي قدر للذباب والعنكبوت حتىٰ يضرب الله المثل بهما بأمثالهما ؟ باعتبار ان هذا الصغير لا ينسجم وعظمة الله فجاء قوله تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) (١).
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦ ـ ٢٧.