الله سبحانه ، وقد إشار القرآن الكريم إلىٰ هذا الفارق الكبير بينهما ، فاستخدم اسلوب « اللفّ والطباق » ممّا يلقي روعة علىٰ بيان المقصود ، فجاء بهذا المثال ، والسامع لهذه الآية المباركة يقف علىٰ المسافة الكبيرة بين أتباع هذين الفريقين.
العبودية المعطلة
( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١).
من أجواء ما يألفه الإنسان ويستأنس به ، وينطلق بعيداً ليحكم علىٰ ما حوله من حقائق ومفردات في ضوء ذلك الاستئناس ؛ إنه يرىٰ كلّ شيء بنظر قصير تحجبه الحالة التي هو فيها عن الرؤية الشاملة والافق البعيد ، فالذي يعيش مثلاً داخل مجتمعه الصغير لا يرىٰ إلّا ما يرون ، فكأنه محكوم بجبرية هذه الرؤية ، ولكن هذا لا يعدم حالات تسمو علىٰ هذه الرتابة أحياناً ففي أذهان البعض قد تحدّد الشجاعة من خلال فلان الشجاع ، أو تحدّد صورة الكرم والجود من خلال فلان الكريم والجواد ، فلا يتمكّنون من إصابة معانٍ أوسع وأكبر.
_______________________
(١) سورةالنحل : ١٦ / ٧٥ ـ ٧٦.