إنَّ الفرق الكبير بين الفرقين ناشىء من نقطة الاعتقاد والتصورات والممارسات التي عليها أفراد هذين الخطين المتعارضين ، ومما يوغل في استحكام هذه الحالة هي القصد والعناد في الفريق الأول ، والمبدأية والاصرار في الفريق الثاني.
ثم إنَّ القرآن الكريم يكشف عن حالة اٌخرىٰ ، وهي فقدان الفريق الكافر للولاية ، مما يورثه الضلال والتيه ، فما كانوا يستطيعون السمع ، وما كانوا يبصرون ، وبذلك هم يعطّلون حاسّتين لهما أثر خطير في تقرير موضوع الهداية في نفوسهم ، وهما السمع والبصر.
وفي هذا المقطع القرآني الكريم إشارة إلىٰ أن الفريق الأول يعدّ من الظالمين فيفضحهم الرسل والملائكة والمؤمنون وأشهاد آخرون بقولهم : ( الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) (١) ويزيد القرآن في بيان خطر هذا الفريق وفَضْحِهِ ، فيكشف انهم علىٰ اعوجج والتواء وانحراف في عقيدتهم ومنهجهم ، ثم أنهم ( بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) (٢) فإذا نظرت إلىٰ جماعة ثقافتهم الانكار والكفر باليوم الآخر ، وهم علىٰ سبيل أعوج ، وتلحقهم اللعنة من مراكز الاشهاد من الرسل والملائكة والمؤمنين ، فماذا يمكن أن تقول فيهم ؟ إنهم لا شكّ سادرون في ضياع مطبق ، وليس لهم ولي من دون الله ، فلا يتذوّقون طعم العبودية والقرب من الله تعالىٰ ، وتغمرهم الذلّة والهوان.
هذا الفريق الكافر بعيد كلّ العبد عن الفريق المؤمن الصالح المطمئن بالله وإلىٰ
_______________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٨.
(٢) سورة هود : ١١ / ١٩.