الدنيا انتفع به وكذلك صاحب الحقّ يوم القيامة ينتفع به. (١)
خشوع الجبل
( لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (٢).
تجيء هذه الآية في سياق آيات تدعو المؤمنين للتقوىٰ والتهيّؤ ليوم الحساب وتنهىٰ عن نسيان الله سبحانه ، وهنا تثار مسألة هامة في عملية التغيير القرآني ، وهي مقدار الاستجابة وصلاحية مداخل الهداية لدىٰ هذا الإنسان ، فلربّما يتعظ الإنسان بموقف وكلمة وإثارة واحدة ، بينما نجد آخرين قد طُبعَ علىٰ قلوبهم ، لا يفقهون ما يتلىٰ عليهم ، ولا تزيدهم آيات الله سبحانه سوىٰ الانحدار صوب الرذيلة وتكوين الخطيئة وكأنّهم صخور صمّاء. ولكن من هذه الحجارة ما يتفجّر منها الأنهار ، فتخضرّ جنباتها ، وتضحك الطبيعة من حولها.
فما أقبح الاستكبار والتعالي أمام عظمة القرآن وعلوّ معانيه وسموّ أفكاره ! فهو كلام الله الصادق والوحي الكريم ، وهذه الأفكار المنزلة من لدن حكيم عليم لا ترقىٰ إليها أيّة معرفة أخرىٰ ، ولا تجاريها أية قدرات مهما عظمت ، فهي مخلوقة لمبدع هذه الأحكام وصانعها.
فالقرآن الكريم بأحكامه وأمثاله ومواعظه وبشائره وإنذاراته قدسٌ طاهرٌ
_______________________
(١) تفسير القمّي ١ : ٣٦٢.
(٢) سورة الحشر : ٥٩ / ٢١.