شجاعة التصدّي
عرض القرآن الكريم جوانب كثيرة من القصص النبوي لمبعوثي الرسالة ، فكان منها جانب الاصرار لدىٰ المرسلين ، وهذا الجانب له ما يبرّره ، فالراصد لمستوى تلكم المواجهات يرىٰ أنّ القوة والرجحان المادي في الطرف الثاني الموجه للمرسلين عليهمالسلام ، وهذا يستدعي قدراً أكبر من الثبات والاصرار لمواصلة الطريق من قبل المرسلين وأتباعهم ، ومن جهة اُخرىٰ فإنّ فكرةً شجاعةً وصائبةً إذا لم تكن قيادتها ومريدوها علىٰ مستوىٰ التصدّي والشجاعة اللائقة بإدارة الصراع فسيلقي ذلك بظلاله عليها ويلوّنها بألوان الضعف ، وبالتالي فروح المقاومة لم تتمكّن من نفوسهم فتذهب ريحهم أمام أية مواجهة أو امتحان تبتلىٰ فيه المواقف.
إن القوة إنما يتمّ توظيفها في قدرات الفكرة لتنسف كلّ معقَّد ، وتذلَّل كلّ هول في طريق الداعين إلىٰ الله.
إذن الشجاعة ليست عارضاً في المواجهة الفكرية والسياسية ، بل تعد من اُسس التصعيد التبليغي والرسالي والدعوي ، فكثير من الأفكار قضىٰ عليها التردّدُ حين يكون مبعثه الخوف ووهن العزيمة ومن يقف علىٰ فصول هذه المواجهات يجد أوسع المساحات من مواقف الشجاعة والقوة في حركة المرسلين ، والقرآن الكريم يهتف بذلك في مواطن كثيرة نذكر منها :
١ ـ في جواب نوح عليهالسلام لقومه ، قال
تعالىٰ : ( قَالَ إِنَّمَا
يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ