المؤمنين من الكرام لا يرضون به ، فهم يجلّون عن الاختلاط بأهله والدخول فيه ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه » (٢).
وتعال معي أخي القارئ لنتلو قوله تعالىٰ في وصف المعرضين عن اللغو : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) (٣).
فيصفهم الرحمٰن بذلك ، فهم يدفعون بالكلام الجميل اللغو من كلام الكفار ويعرضون عنه ولم يخاصموا فيه ، وقالوا لهؤلاءِ اللّاغين : لنا جزاء أعمالنا ولكم جزاء أعمالكم ، ويسلّمون عليهم ، ويقولون لهم قولاً يجعلهم في منأىٰ عن غائلة اللغو ، وهذا من أحسن صور الأدب القرآني..
فالجدل مع أهل اللغو لغو أيضاً ، وهكذا يعرض القرآن الكريم للمؤمنين صورة تفيض بالترفّع عن اللغو كما تفيض بالسماحة والودّ ؛ إذ النفوس المؤمنة مشغولة بتكاليف الإيمان ، مترفّعة بأشواقه ومتطهّرة بنوره.
المودّة المذبوحة
لم يكن أهل البيت عليهمالسلام ظاهرة عادية أو وجوداً طارئاً ، فالمتتبّع لنصوص القرآن والسنّة يمكنه أن يشير بوضوح إلىٰ عظم مكانتهم وعلو شأنهم في الأدوار
_______________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٧٢.
(٢) أمالي الصدوق : ٧٣ / ٤١.
(٣) سورة القصص : ٢٨ / ٥٥.