لا أخاف علىٰ أُمّتي مؤمناً ولا مشركاً ؛ أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه ، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه ، ولكني أخاف عليكم كلّ منافق الجنان ، عالم اللسان ، يقول ما تعرفون ، ويفعل ما تنكرون » (١).
ان طائفة هذا خطرها وعدوانيتها المدمّرة علىٰ طبيعة المجتمع الاسلامي لا بدَّ أن يتصدى القرآن الكريم لتعريتها وكشف حقيقتها وعرضها من أجل أن تتّضح هذه الصورة النفاقية في نفوس من خفي عليهم أمرها وانخدعوا بها ، وكذلك للوقاية والحذر من وقوع الآخرين في حبائلها.
وأمام هذه الطائفة المنافقة لابدَّ من وقفة مجاهدة يبذل فيها الجهد وتتّفق الطاقات وتراق فيها المهج ، فالمنافقون يفوقون الكافرين المشركين خطورة ، فهم مضافاً إلىٰ منهجهم التحريفي يتحركون في الخفاء ويدبون دبيباً لا يرىٰ ، ولذلك فالقرآن الكريم يلقي شرعية متابعة وملاحقة هذا الخط المهزوم الخبيث علىٰ عاتق المؤمنين المجاهدين.
وفي تصوير هذا الخط وتصوير النفس المنافقة حين تعيش هذه الحالة استخدم القرآن الكريم المثال الذي يكون الغرض منه تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد فيصير الحسّ مطابقاً للعقل كما سنبيّنه.
المنافقون هم العدوّ
( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ
_______________________
(١) نهج البلاغة : الكتاب ٢٧.