فيا ترىٰ وجود مبارك هذا شأنه وعظمته بنصّ إلهي ، كيف تعرّض لإيذاء من الأمة نفسها ، ولم يكن آنذاك فارق زمني كبير عن عصر النزول ، وأن تتجرّأ الأقزام من قريش علىٰ أن تغضب الزهراء عليهاالسلام وتبعد الحق عن أهله ، والأجلاف من بني أُميّة لتغتال الثمرة الاولىٰ « الإمام الحسن » لشجرة المصطفىٰ صلىاللهعليهوآله وتأتي علىٰ الثمرة الاُخرىٰ لتحزّ رأس الحسين عليهالسلام في عرصات الغربة ـ صحراء كربلاء ـ قد أمرنا الله سبحانه بمودّتهم ؟!
ما أفدح المنقلب ! وهل يدور الزمن دورة كهذه مرّة أخرىٰ ؟ ولا وحول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
خطر النفاق
قال تعالىٰ : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) (١).
قبل الدخول في بيان المثالين القرآنيين المذكورين حول النفاق والمنافقين ، نقدّم أولاً بيناً توضيحياً لصورة النفاق وطبيعة المنافقين وطبيعة المنافقين.
لقد عاث النفاق في مجتمع المدينة وتبلور أوكاد في تيار خطير هدّام له رموز ومنهج وطريقة في التفكير والعمل مترسّماً أهدافه المدمّرة بوجه الرسول والرسالة ورموزها المخلصين ، ولخطورة دور هذه الطائفة من الناس تحدّث
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٧ ـ ١٨.