والاعتقاد والاتّباع.
فالقرآن يصفهم بانهم : مناصرون للنبي مؤمنون بالله ورسالته ، مسلمون « بالمعنىٰ العام للإسلام وهو حقيقة الدين » وانهم شهود يشهدون ويراقبون مسيرة الآخرين ، فهم لم يطلبوا أن يكتبوا مع الشاهدين إلّا بعد أن هيّئوا حقيقة وموضوع هذا « الإشهاد » فهم اُسوة وقدوة لغيرهم. هؤلاء الحواريون لم يكتفوا بالعقيدة إيماناً قلبياً بل اتبعوها بالإيمان العملي « الإيمان بما اُنزل » وبالنصرة وتحمّل كلّ تبعات هذه المناصرة التي جاءت بعد نداء النبي ويأسه من بني إسرائيل « من أنصاري إلىٰ الله ؟ » .
يا ترىٰ هل إنّ هذه الظاهرة الربّانية تقتصر علىٰ خالة ومقطع زمني معين ؟ أم تتعدّاها لما نعيشه اليوم وما عاشه الأنبياء والصالحون ، فلكلّ هؤلاء حواريون وأتباع ومريدون وأنصار ، ومبرّر هذه الظاهرة وهذا الوجود والملاصقة لرائد أية مسيرة كانت هي الحاجة ، حاجة القائد نفسه لهذه النماذج المخلصة ، وحاجة القضية ذاتها لتبليغها وتحقيق أهدافها ، وحاجة الأمة لرجالات كهؤلاء للتأسّي والاقتداء وبيان الحجّة.
فالحواريون حاجة إذن وضرورة لإدامة التحوّل ودفع عملية التغيير علىٰ مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية وغيرها ، شريطة أن تهيء هذه الصفوف ظروف هذا التبوّء وتجهد نفسها لتحقيق النعوت والأوصاف التي أضفاها عليهم كتاب الله ودستوره الخالد ـ كما بيّناه ـ وبغير هذا التهيّؤ فهذه الحاجة والضرورة لم تعد لازمة وقتئذ.
فانظر إلىٰ نور القرآن الخالد كيف وضّح منهج التعامل والاعتقاد والاتباع ، ووفّره لسالكيه في كلّ آنٍ وزمان.