ويذكر في هذا السياق أن عبدالله بن أُبي كان قومه قبل قدوم رسول صلىاللهعليهوآله الىٰ المدينة يحضِّرون ويضعون له تاج الرئاسة عليهم ، ليكون مجتمعها في إمرته ، فرأىٰ في القادم المبارك مزاحماً قوياً ومنافساً يقضي علىٰ أحلامه وخيالاته ، فاتخذ هذا الموقف المنافق ، وراح يظهر السلم والكلام الجميل المنمّق ، بينما هو يبطن الحقد والمكر ، ويعمل من أجل الكيد بهذه الرسالة المباركة الجديدة ورسولها الكريم.
وفي هذا المقطع راحت الآيات المباركة تكشف بعض حقيقتهم وترسم حركتهم بين الناس ، قهم ـ كما أسلفنا ـ معروفون لدىٰ المجتمع ، ولربما يحتلون أماكن هامة فيه ، ويهتمون بجمال المظهر ، إذ تعجب أجسامهم الآخرين ، ويعتنون كذلك بالكلام الجميل المعسول حتىٰ لا ينكشف أمرهم ، وقد صورهم القرآن الكريم بأنهم كالخشب المسنّدة ، فهي ظاهرة معروفة إذن ولكنها مسنّدة لا تستطيع ان تقوم ينفسها لضآلة محتواها وضعفها الحقيقي ، فتحتاج إلىٰ ما يسندها ويثبتها ، ثم كشف عن حالة نفسية يعايشها المنافق ، حيث أنه يضع نفسه دائماً موضع الاتهام ، ويعتقد أن كلّ نقد أو محاسبة موجهان إليه بالذات ، وأنه هو المقصود وراء تشخيص أية ظاهرة سلبية في المجتمع ، وهذه حالة تنم عن مدىٰ الرعب والخوف الذي يمتلك هذه الشخصية المنافقة.
وقد أكّدت الآية علىٰ أنهم هم الأعداء الحقيقيون ، ويجب الحذر من هذا التيار الخطير ، حيث يقاتلهم الله ، وما أضعف هذا الإنسان حين يكون مطروداً من رحمة الله ، ويكون موضع مكره وكيده سبحانه.