زمني محدّد بل يظهر علىٰ امتداد هذه المسيرة البشرية ، ومن معالم هذا الظهور هو « تبديد النعمة وعدم الاستفادة ممّا هم عليه » فقد تفتقد الجماعة أحياناً طريق الخلاص ومبادئ العمل ، فيتوجّب عليها البحث والتفحّص حتّىٰ تأمن الفتنة والمنزلق في عملها ، وقد تكون الجماعة مالكة لهذه المبادئ ولكنها غير واعية لها وغير مستفيدة من عطاءاتها ، فتظلم الأمة تاريخها وتجحد نعمتها ، وتبدأ تسوّلاً فكرياً وحالة استجداء ذليلة تلعق بها فضلات الموائد فترمي بعزّتها في سوق النخاسة ، وأتذكر موقف أحمد الشقيري المسؤول الفلسطيني السابق في لقائه مع ماوتسي تونغ ، إذ طلب الأول إيديولوجية للثورة ومرتكزاً فكرياً للعمل !! فردّ عليه : إنكم تملكون ذلك ، ولديكم تاريخ إسلامي طويل تستفيدون منه.
وقد تجد إنساناً مسلماً يهوىٰ ثقافة غريبة أو شرقية ، ويتطلّع لطريقتهم في التعامل ويتأثّر بأخلاقيتهم ، ويترك صرحاً كاملاً من الفكر والتربية الإسلامية ، وهذا ما حصل لكثير من المسلمين عقب عمليات التغريب والغزو الفكري للمنطقة.
وقد كشف القرآن الكريم هذه لحالة لدىٰ بني إسرائيل ، وأوضحها بمثال مثير فبيّن ان الحمار ما لا يفقه منه شيئاً ، فحالة بني إسرائيل حين حُمّلوا العمل بما جاء في التوراة من أحكام وتعليمات وأخبار ببشارة ظهور النبي محمد صلىاللهعليهوآله ووجوب تصديقه ، تركوا ذلك ولم يحملوه ، ويصدق الشاعر في هذا الموطن حين يقول مشبهاً :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما |
|
|
|
والماء فوق ظهورها محمول |
|