ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١).
من أجل أن تثبّت القيم ويسود المقياس حياة الناس ، ومن أجل أن تندفع الشبهات والافهام اللخاطئة التي تعيش علىٰ مقربة من حركة المفاهيم بين الناس ، يسجّل القرآن الكريم كلّ مرّة احكامه ومقاييسه وبطريقته المتميّزة بقوّة العرض ، والتي تطالب مخاطبيها بالتوجّه صوب التطبيق وعدم التخلّف أمام هذه النداءات المقدّسة. وفي هذه المرّة تعرّض القرآن الكريم إلىٰ مسألة حسّاسة تتعلّق بمشاعر الأمة ، وتنحسب عليها اعتبارات اجتماعية ، وعلىٰ الرغم من هذه المواجهة النفسية الشديدة انتزع القرآن مطلبه في بيان حقيقة الاعتبار الذي تبتني عليه المواقف الإنسانية ، فقد نسف من الجذر وإلىٰ الأبد الاعتبار الموهوم للرابطة النسبية والسببية ما لم تتزيّن بزينة العمل الصالح وتتّزن به ، فلقد عوتب الرسول صلىاللهعليهوآله في سورة التحريم بأنه حرم علىٰ نفسه شيئاً أباحه الله له من أجل إرضاء بعض أزواجه ، ثمّ جاءت الآيات مهدّدة زوجي الرسول صلىاللهعليهوآله بأنهما إذا تظاهرا بينهما وتعاونا عليه صلىاللهعليهوآله بما يحرجه قانه ليس وحده بل الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة ، ثمّ ذكّر القرآن أزواجه بأنه إذا طلّقهن فسوف يعطي رسوله خيراً منهُنّ.
وفي هذا السياق ذكّر القرآن الكريم بمقياسه الثابت في هذه الدائرة الاجتماعية ، وراح يؤكد علىٰ أنه لا اعتبار إلّا للعمل ، وأما الروابط والعلاقات
_______________________
(١) سورة التحريم : ٦٦ / ١٠ ـ ١١.