لأفعالهم قيمة ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) (١) ولكن لا قيمة لأعمالهم ( وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) (٢).
وحين يكفر هذا الإنسان بالله العظيم يجعل الله حياته ظلمة لا نور فيها ، فهو في وحشة الظلام ورعبه ، ينتابه الخوف من جوانبه ولا ينعم بنور الإيمان ، وقد ترجمت لنا هاتان الآيتان المباركتان حالة ومصير الكافرين في مثالين واقعيين « مثالي السراب والظلمة » لبيان مصيرهم في الآخرة ، وحالهم أثناء كفرهم في الحياة الدنيا.
ففي مثال السراب : تذكر الآية المباركة أن الظمآن يعتقد أنّ لمعان السراب هو الذي يروي ظمأه ، فتراه يُسرع إلىٰ ذلك الريّ الموهوم ليأخذ قيمة ما أدّاه من عمل ، وإذا به يفاجأ ويباغت بانعدام قيمة ما قدّمه ، وهكذا حال مَن خالف ربّه وجحده وكفر بأنعمه سوف لن يجد غداً ما يقدمه من عمل إزاء محاسبته علىٰ ما فرّط به في حياته ، وبالنتيجة فالكافر لا يحصل علىٰ جزاء لكلّ ما عمله إلّا العقوبة والعذاب.
أما المثال الثاني : فيترجم لنا حياة الكافرين وكأنها ظلمات ثلاث ؛ ظلمة البحر والموج والسحاب ، وهي ظلمات متراكمة ، وقد فسّرها البعض بظلمة الاعتقاد والقول والعمل ، وقال آخرون : هي ظلمة القلب والبصر والسمع ، حتىٰ قيل : ان الكافر « قلب مظلم في صدر مظلم » وذهب آخرون إلىٰ ان هذه الظلمات الثلاث : كونه لا يدري ، ولا يدري انه لا يدري ، ويعتقد انه يدري ،
_______________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١٠٤.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٣.