هذه الأمراض ترجع إلىٰ منحدر مشترك ، وتستهدف ضحية ، ويمارس فيها رصد الأحاديث والأقاويل في اغتياب صاحبها ، ويظهر ذلك بشكل خاص في التجسّس والغيبة ممّا جعل بعض المفسّرين يذهبون إلىٰ ان هذا المثال جاء مضروباً للمرضين الأخرين لا للغيبة وحدها.
وقد وردت روايات كثيرة في وجوب اجتناب الظنّ السيّء ، وروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام : « ضع أمر أخيك علىٰ أحسنه حتىٰ يأتيك ما يقلبك منه ، ولا تظنّن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً » .
والمراد بالتجسّس : تتبّع ما استتر من اُمور الناس للاطلاع عليها في جانب الشرّ ، بينما التحسّس « بالحاء » يستعمل في جانب الخير ، وقد ورد النهي شديداً عن تتبّع عورات الآخرين.
والمراد الغيبة : فذكر أخيك بما يكره ، وقد وصفها الرسول صلىاللهعليهوآله بأنها أشدُّ من الزنا ؛ لأن فاعل الزنا يتوب فيتوب الله عليه ، بينما المغتاب يجب عليه مراجعة من تناوله بالغيبة ليبرئه ، ولا تكفي التوبة وحدها في رفع العقوبة.
فقد تناول رجلان من المسلمين سلمان واُسامة بن زيد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ما لي أرىٰ خضرة اللحم في أفواهكما » فقالا : يا رسول الله ما تناولنا في يومنا هذا لحماً ! قال « ظللتم تأكلون لحم سلمان واُسامة » (١).
وهذا التمثيل مستمد من المثل القرآني السابق ، وهو غاية في تأكيد المكروهية
_______________________
(١) مجمع البيان / الطبرسي ٩ : ١٣٥ جوامع الجامع / الطبرسي : ٤٥٩.