العقاب علىٰ ناقصي العهد في الدنيا بأن يذوقوا السوء ، وفي الآخرة بعذاب عظيم ، وضرب لذلك مثلاً زاد في ذلّة هذا الجمع اللامبارك الذي نقض عهده ، ونكثه من بعد قوّة عقده.
ويُروىٰ أن هناك امرأة كلبية كانت تجمع رفيقاتها أول الصباح فيغزلن حتىٰ إذا ما انتصف النهار أمرتهن بحلّ غزلهن وفرط هذه العقود المبرمة من الخيوط المغزولة ، وهذا دَيْدَنُها كلّ يوم ، قلا هي تقف علىٰ حدّ لهذا التهوّر ، ولا يثمر عملها مهما جهدت نفسها ورفيقاتها.
هذه الصورة التي تكشف عن حماقة لا متناهية وعقل ضعيف تجسّد بشاعة الناقضين لهذه العهود علىٰ معرفة ورضىٰ منهم وقت إبرامها ، فهم إذن ضعفاء ليس لديهم ثبات علىٰ أبرموه مع غيرهم.
وقد وردت روايات كثيرة علىٰ وجوب حفظ المواثيق ورعاية العهد الذي يأخذه المرء علىٰ نفسه حتىٰ بلغت الأهمية بهذا الأمر فنهت الشريعة عن نقض العهود مع غير المسلمين ، وهذا ما يكشف عن حرص الإسلام علىٰ توفير الطهر النفسي والابتعاد عن رذيلة الضعف أمام الثبات علىٰ القناعة والموقف المسؤول.
وقد حذّرت هذه الآية الكريمة من أن تتّخذ الأَيْمَان وسيلة للخدعة والتضليل ، كذلك حذّرت هذه الآية من المبرر الذي سمح به البعض لأنفسهم في نقض هذه العهود ، بأن حلفاءهم ومن عقدوا معهم هذا العقد أصبحوا ضعفاء فيميلون مع القوي ضاربين وراءهم عرض الجدار ما أرموه من عقد علىٰ أنفسهم.
لو أردنا تجسيد هذا النفس القرآني
الكريم في مجتمع المسلمين أو في العائلة الواحدة أو في الجماعة الإسلامية أو في أية شريحة تشدّها علاقات الودّ والمحبّة الإسلامية ، فإننا ندرك عمق المسؤولية وعظمة هذا التحمّل في ممارسة العقود