تُوعِدُونَ ... ) (١). وراح شعيب عليهالسلام
يدخل معهم في حوار هادئٍ ، فلم ينههم عن سيّئة إلّا وبيّن لهم خطرها فكانوا يهدّدونه ويتوعّدونه بالاخراج من قريته ونفيه ، ثمّ أخذوا يتجاهلون نداء اته (
قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ
فِينَا ضَعِيفًا )
(٢) ولم يأبه بكلّ هذه
التهديدات ، لكن حين دعوه للدخول في ملّتهم الكافرة المنحرفة أجابهم : (
قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا )
(٣). هكذا يقطع معهم الحوار فقد كان عليهالسلام وضع لنفسه خطوطاً
حمراء لا يتجاوزها في التعامل ، ومن جهة اُخرىٰ لاحظنا رفعة وسمو الأفكار التي عاشها ودعاهم إليها ، بينما نراهم يخلدون إلىٰ التراب وحقارة المادة ، ويتشبّثون بمنافع ومصالح
محدودة حتىٰ لو انتهكت فيها حقوق الآخرين وصُودرت حريّاتهم ، بينما كان شعيب بفعل عطاءات الوحي الإلهي يدعوهم إلىٰ التحرّر والانعتاق والبناء الحضاري والعلم وممارسة الخلق الرفيع السمح ، فما أبعد الشقّة بين المحورين !. ومن هنا فقد استحقّ شعيب عليهالسلام والذين آمنوا معه
الخلود والبقاء والرحمة ، أمّا الذين ظلموا فقد استحقّوا العذاب واللعن الأبدي بما كسبت أيديهم. قال تعالىٰ : ( وَلَمَّا جَاءَ
أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا
وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ
يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا _______________________ (١) سورة الأعراف : ٧
/ ٨٦. (٢) سورة هود : ١١ / ٩١. (٣) سورة الأعراف : ٧
/ ٨٩.