الشبهات ، وربّما الحيرة في الاختيار ، فتتموّج في ذاته مختلف التصوّرات حتىٰ المتباينة منها حدّ التضادّ أحياناً ، فهو في معترك الصراح وعنف المواجهة.
هذه المقاطع الحسّاسة من عمر الإنسان لم تُتْرك بشكل كافٍ للمماحكات العقلية والفهم الصحيح ، بل تشتدّ فيها أشرعة العاطفة ، فترتبك مواقع القرار لدىٰ هذا الفرد أو ذاك.
فالنور الإلهي لم يتركنا نضرب خبط عشواء لتنسدّ الآفاق وتندرس مداخل الهداية ، فاقرآن الكريم ينعىٰ علىٰ البعض إتباعهم سنّة الأولين ومنهج الآباء دون تدبّر ويلقي باللّائمة علىٰ من عطّل سمعه وبصره وصرف قلبه ، ودعا القرآن إلىٰ التدبّر والانفتاح علىٰ الدليل والحجّة ، وحثّ علىٰ تحرّي النظرة الآفاقية والأنفسية طلباً لسموّ مخاطبية ، كلّ ذلك من أجل تحقيق انعتاقهِ وتفجير ثورة علىٰ التقليد الأعمىٰ واستغفال الآخرين وإيجاد روح علمية موضوعية بعد أن يطهّرها من لوثة الاسترقاق ولصفة التراب.
وهذه بعض البيانات القرآنية المباركة :
١ ـ ( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ) (١).
٢ ـ ( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ) (٢).
٣ ـ ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٣).
_______________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٥٥.
(٢) سورة السجدة : ٣٢ / ٩.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١١١.