بالأدنىٰ » (١).
والغرور مرض يصيب النفس الإنسانية فيشلها عن الفاعلية ويمنعها من رؤية فضل الآخرين ، ويبقىٰ المغرور منتفخاً في دائرة أوهامه ، واذا ما استحكم هذا المرض من النفس فلا يستطيع الإنسان وقتئذ أن يحفظ حتىٰ المقدسات ، فتأخذه المكابرة علىٰ كلّ شيء سوىٰ نفسه ، وهذا الغرور كما يصفه علماء الأخلاق يصيب الإنسان مهما كانت هويته واعتقاده ، فلا يسلم منه احد لا سيما في اجواء تحقيق الانجازات والمشاريع والانتصارات ، وقد اطلق البعض وصفاً لهؤلاء المغرورين المتكبرين كمن ينظر الىٰ الناس من مرتفع عالٍ فيراهم صغاراً ونسي انهم يرونه صغيراً أيضاً لذا تتمكن الغفلة وتستحكم في رؤية هذا الإنسان المغرور.
وبناء علىٰ ذلك يجب علىٰ هذا الإنسان أن يعرض نفسه دائماً علىٰ دائرة اتهام النفس ومحاسبتها حتىٰ لا تنأىٰ به بعيداً عن صواب الطريق. ويأتي هذا في سياق آية النهي عن الغرور : ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) (٢) لتذكِّر أنّ هذا الإنسان يعمل بمعادلة مقلوبة ؛ منكوس فهمه مغلوب علىٰ عقله ، يرىٰ عمله السيء حسناً ، فهو لا يستوي والمؤمن الذي يعمل الصالحات ويرىٰ السيئة سيئة.
وما أفدح أمر الإنسان الذي يبرّر لعمله السيء ويستمريء مرارة هذه السيئات وقذارتها دونما وعي لحقائق الأمور !
_______________________
(١) مصباح الشريعة / المنسوب إلىٰ الإمام الصادق : ١٤٢.
(٢) سورة فاطر : ٣٥ / ٨.