الانفاق يسهم في تطهير النفوس ، وفي تأسيس العبودية الصادقة لله سبحانه ، ومن ناحية اُخرىٰ فإن الانفاق ركيزة أساسية في بناء مجتمع التكافل مثل الزكاة والخمس والكفارات والصدقات المندوبة والفدية والوصايا والهبات وأمثالها.
فتواجهنا هذه الآية المباركة بالانفاق « في سبيل الله » لتضفي عليه حالة نماء وزيادة فعلىٰ الرغم من أن الاعطاء ظاهرة يؤدّي إلىٰ نقص في ما يملكه المنفق ، لكنّا في المنطق القرآني نقف علىٰ حالة مضادّة ، فيضرب القرآن لهذه المضاعفة صورة مجسّدة تألفها النفوس ، وتحسها بالمعاينة ، فهي كحبة القمح الواحدة حين تزرعها ثم تثمر لك سنابل فيها حب كثير ، ويعدم القرآن الكريم بهذا المثل الرائع التصور الشائع بان الاعطاء ينقص في مال المنفقين ، ثم يعقب علىٰ هذه المضاعفة بانها يمكنها أن تخضع لزيادة اُخرىٰ يريدها الله سبحانه.
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « إذا أحسن العبد المؤمن عمله ، ضاعف الله عمله بكلّ حسنة سبع مائة ضعف ، وذلك قوله عزّوجلّ : ( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) (١) » (٢).
ولربما يفهم من سياق الآية ان المضاعفة تكبر تزداد كلما خلصت نية الانفاق ، وَتَطهَّرَ صاحبها من ألوان الشرك كا تباع هوى النفس ، وعشق السلطة ، وحبّ الجاه وغيرها ( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) فللّه خزائن السماوات والأرض ، ولا يضيق عطاؤه ، ويسع حاجات عباده ، وهو عليم بالمستحقّ.
والمثال بحذف مضاف وتقديره « مثل نفقتهم كمثل حبة » أو « مثلهم كمثل
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦١.
(٢) أمالي الطوسي : ٢٢٤ / ٣٨٨.