ولا يحصلان علىٰ شيء من الثواب علىٰ ما أنفقوا.
وفي التمثيل لخلوص النيّة في الإنفاق قال تعالىٰ : ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (١).
فالذين ينفقون أموالهم طلباً لمرضاة الله وتصديقاً للاسلام وتحقيقاً للجزاء من أصل أنفسهم مثّل القرآن عملهم بالجنة ، وهي الزرع والبستان الملتفّة أشجاره لكثرتها ، علىٰ « ربوة » أي مرتفع من الأرض ، وعادة يكون الزرع في المرتفع أفضل ريعاً وأطيب مما دونه ، وينزل الوابل عليها فتؤتي ثمرها مرتين ، أي مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل ، وإن لم ينزل عليها وابل فطلّ ، وهو المطر الصغير القطر يكفيها لكرم منبتها ، وقد مثّل الله حالهم بالجنة ، وانفاقهم الكثير بالوابل ، والانفاق القليل بالطل ، وفي كلام أمير المؤمنين علي عليهالسلام ما يصوّر لك ضرورة الانفاق وإن قلّ. قال عليهالسلام : « لا تستحي من إعطاء القليل ، فإنّ الحرمان أقلّ منه » (٢). ذلك لأنَّ الانفاق زاكٍ عند الله سبحانه ما دام متوفراً علىٰ نيّة القرب والزلفىٰ من الله سواء أكان قليلاً أو كثيراً ، كما يضاعف ثمر الجنّة ضعفين ، فهذان المثالان الشاخص أثرهما أمام نواظرنا نتحسّس فيهما أثر النيّة في العمل ، ومن الحديث الثابت عن رسول الله صلىاللهعليهوآله حديث : « إنما الأعمال بالنيّات » (٣).
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٥.
(٢) نهج البلاغة ـ قصار الحكم (٦٧).
(٣) الكافي : ٢ : ٦٩ / ١.