مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (١). تؤكد الآية الكريمة على أن الحاق الصدقات بالمنّ والأذىٰ هو سبب لبطلان هذا الانفاق واحباطه ، وقد ضرب الله في هذه الآية مثلاً للمرائي والمنّان الذي يصطنع معروفاً ثمّ يتبعه بالمنّ والأذىٰ (٢).
وهناك فارق ظاهر بينهما ؛ فالمنّان يقع عمله صحيحاً ثم يعرض له البطلان ، أما المرائي فعمله باطل من الأساس لبطلان نيّته ، فحين يعمل يريد أن يُرى الآخرين عمله ، ولكن في هذه الآية ـ كما يقول الطباطبائي ـ المراد بها من عدم إيمان المرائي بالله واليوم الآخر ، هو عدم إيمانه بدعوة الانفاق التي أمر بها الله سبحانه ، وأعد لأهلها الثواب الجزيل ، وبالتالي فعدم إيمان المرائي لا يعني عدم إيمانه بالله سبحانه من الأساس (٣) فقد يعرض له أثناء عمله. ولهذه المجانسة يمكن تشبيه عمل المنّان بعمل المرائي.
ومن أجل تجسيد هذه الصورة في بطلان هذا العمل وعدم كتابة الأجر له ، مثّل القرآن الكريم ذلك ب « الصفوان » وهو الحجر الأملس عليه تراب قليل لا يصلح أن يكون أرضاً للزراعة والانبات ، فإذا نزل « وابل » وهو المطر الكثير القطر ، أزال التراب وكشف الحجر الأملس الذي لاينبت فوقه شيء وإن غمره المطر ؛ إذ لا وجود لهذا التراب الذي كان يوهم بامكانية الإنبات فيه حين ينزل مطر السماء عليه ، وهذا هو شأن المرائي والمنّان حين ينفقان أموالهما لا يقدران
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٤.
(٢) تفسير القمي ١ : ٩١.
(٣) تفسير الميزان ٢ : ٣٨٩.