وقال الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالىٰ : « ( يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) (١) : إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعىٰ بين أيديهم وبأيمانهم حتّى ينزلوا منازلهم من الجنان » (٢).
ومن أجل هذا المغيّب الواسع الكبير ضرب القرآن له مثلاً من واقعهم حتىٰ يُتمكن من إدراك هذا النور الشفيف الذي يبدّد ظلمات النفس ويهدي إلىٰ الحقّ ، فالمشكاة هي الكوّة في الجدار يوضع فيها المصباح ليشتدّ ضوؤه بتجميعه وتكثيفه ، ويذهب المثال إلىٰ أن هذا المصباح في زجاجة تمنعه من الانطفاء وتنظّم شعلته من حركة الريح ، وهذه الزجاجة بنفسها شفافة تشبه الكوكب الدرّي في لمعانه مما يزيد الضوء شدّة ولمعاناً ، وهذا المصباح يستمد وقوده وشعلته من شجرة زيتونة بارك الله فيها تستمر تغذيتها علىٰ الدوام ليصفو زيتها ز يحسن إيقاده ، فهو زيت يكاد يضيء من غير نار لإشراقه وشفافيته الذاتية وقابليته العالية للإشتعال.
ثم عبرّت الآية عن شدّة النور وقوّته بقوله : ( نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ) (٣) وأخيراً ، جعل الله سبحانه هذا النور هادياً لمن يصلح أن يكون محلاً لهدايته ، وذلك حين يستقيم باطن الإنسان وظاهره ، وقد جاء بعد الآية قوله تعالىٰ : ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ) (٤) مصداقاً لذلك.
_______________________
(١) سورة الحديد : ٥٧ / ١٢.
(٢) نور الثقلين ٣ : ٦١٢ / ١٩٩.
(٣) سورة النور : ٢٤ / ٣٥.
(٤) سورة النور : ٢٤ / ٣٧.