كان وبره في غاية اللطافة والرقّة ، قد كان معمولا في قديم الزمان يأخذون من وبره ومنسوجه ألبسة وأثوابا ثمينة ـ غالي القيمة ـ حتّى كانوا لكثرة لطافته ونعومته يخلطونه بوبر الأرنب والثعلب ، والظاهر أنّه ليس الآن بموجود ، بل من زمن بعد العباسيّة صار مفقودا على ما قاله ـ دام ظلّه ـ فلو شكّ في جلد في زماننا أنّه منه أو من غيره فلا بدّ أن يرجع إلى الأصول العمليّة.
وأمّا الصلاة في غيرهما مثل الثعالب والأرانب فلا إشكال في عدم جواز الصلاة فيهما ، ولا في غيرهما ممّا لا يؤكل لحمه ، عملا بالإطلاقات (١) ، فلا بدّ من حمل ما دلّ على الجواز على التقيّة (٢) ، إذ ليست قابلة للتعارض مع العمومات ؛ لإعراض المشهور عنها وموافقتها لمذهب العامّة ، مع معارضتها لما دلّت بالخصوص على المنع (٣) ، ومع ذلك كلّه فلدفع شبهة مخصّصية رواية السنجاب فنقول : إنّ ما ذكر فيها بصورة التعليل ليس مسوقا للعليّة ، بل المراد من ذكره أنّه لمّا كانت للسنجاب سبلة وصورة كصورة السنّور والسباع فيتوهّم كونه منها ، فقال : إنّه ليس منها ، لأنّها تأكل اللحم ولها ناب ومخلب ، والسنجاب لا يكون له هذه الآثار ، فعلى هذا لا يستفاد منه العليّة أصلا.
ومع الغضّ عن ذلك فأقول : لا بدّ أن يعلم أنّ لكلّ قضيّة تعليليّة أمران : عموم مستفاد من منطوقه ، ومفهوم مستفاد من دليله ، ولا ريب في المقام أنّه لا تعارض بين مفهوم هذه العلّة وما يقوله عليهالسلام : «لأنّ أكثرها مسوخ» (٤) في رواية ما
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٢ الباب ٥ من أبواب لباس المصلّي.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٠ الباب ٤ من أبواب لباس المصلّي.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٥ الباب ٧ من أبواب لباس المصلّي.
(٤) مرّ آنفا.