أيضا إذا تصوّر عدّة امور واعتبر اجتماعها ، أو تصوّر أمرا مقيّدا بأمر وجوديّ أو عدميّ ينتزع منه الجزئيّة والشرطيّة ، فإنّ تصوّرها هكذا عين الجزئيّة والشرطيّة ، ولا يحتاج إلى تصوّر جزئيّته أو شرطيّته ، ولو لم يتصوّر يلزم البداء والخلف ، كما ذكرنا ، ولو سلّم جعلها في عالم التصوّر ، لا ينتج بالنسبة إلى الخارج بعلم.
وبعبارة اخرى ؛ فرق بين الامور الاعتباريّة والانتزاعيّة ، فإنّ الأوّل لها وجود متأصّل باعتبار ما يعتبر فيها ، ولو لم يعتبر معتبر ، فإنّ الفوق فوق ، والتحتيّة للتحت ثابتة ، ولو لم يعتبرهما أحد.
ويمكن أن يقال : إنّ وجودها يكون من قبيل وجود الأعراض ؛ وبالجملة لها حظّ من الوجود مثل الوجودات الحقيقيّة ، بخلاف الثانية ، فإنّها ليس لها وجود إلّا بالانتزاع ، وليس لها وجود في موطن من المواطن ، فليست قابلة للجعل تأصّلا تشريعا ، فإنّه إذا قال الشارع : اغسل ثوبك من النجاسة الفلانيّة مرّتين ، ينتزع منه شرطيّتهما في الطهارة ، وكذلك إذا قال : الصلاة (١) مشتمل على قراءة [الحمد] وسورة وغيره ينتزع منه الجزئيّة ، وكذلك إذا قال : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢) ينتزع منه سببيّة العقد للتمليك (٣) والتملّك.
والظاهر أنّ من الواضحات إنّه لا تنال يد الجعل لهذه الامور إلّا تبعا ، والمخالف مكابر جدّا ، وإن كان في تصويرها (دخلها) وارتباطها بالماهيّة ترتّب ، فإنّ الجزء مقدّم على الشرط فإنّه من مقوّمات الذات ، والتقييد والقيد كلاهما
__________________
(١) وإن كان نفسها قابلا للجعل ؛ لأنّهما من الامور الاعتباريّة ، كما قرّر في الاصول ، فتأمّل! «منه رحمهالله».
(٢) المائدة (٥) : ١.
(٣) وكذلك مقدميّة المقدّمة ، فإنّها ليست قابلة للجعل وبوجوب ذي المقدّمة تجب هي قهرا ، مع أنّها لها وجود على حدة في حيال وجود ذي المقدّمة ، فتأمّل! «منه رحمهالله».