يخفى أنّ الاولى إنّما تصير دليلا إذا أرجعنا قوله عليهالسلام : «إذا كان ممّا يؤكل لحمه» (١) إلى الجزء الأوّل من الرواية ، وجعلنا قوله عليهالسلام : «بلى» مع سؤال الراوي (أليس التذكية بالحديد؟) (٢) جملة معترضة ، ويصير من قبيل ما لم يتمّ كلام الإمام عليهالسلام ، قد استعجل الراوي في السؤال بسؤال آخر ، ثمّ أجابه عليهالسلام فرجع عليهالسلام بعد ذلك إلى تتميم جواب السؤال الأوّل ، وكلّ ذلك خلاف الظاهر ، فليس قابلا لصرف ظهور الروايات الاولى ، فلا بدّ أن يرجع القيد إلى الجزء الأخير من الرواية ، أي يجعل القابليّة من قيود التذكية ، كما يقتضيه ظاهر الكلام والقاعدة اللفظيّة ، فيصير معارضا لما يدلّ على عدم اشتراط القابليّة في التذكية ، كما هو الحقّ ، ودلّ الدليل على قابليّة تذكية كلّ حيوان ما عدا الحشرات ونجس العين ، فيطرح ذيل هذه الرواية ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ إن لم يقبل التأويل ، وشرح الكلام في محلّه ، وكيف كان ليست الرواية دليلا لما ذكروا.
وأمّا الثاني ؛ وهو ذيل الموثّقة (٣) ، فهو إمّا أن يكون تأكيدا للصدر أو تأسيسا ، فإن جعلناه تأكيدا فيمكن أن يكون الصدر قرينة على الذيل أو بالعكس ، كلاهما محتمل فلا يتمّ الدليليّة ، وإن جعلناه تأسيسا ـ كما هو أولى ـ فالظاهر كونه مسوقا لبيان حكم الناسي إذا صلّى فيه ، كما يشهد به قوله عليهالسلام : «تلك» فإنّ الظاهر كونها إشارة إلى ما هو واقع في الخارج نسيانا ، فيقول عليهالسلام : «لا يقبل الصلاة» (٤) الّتي وقعت في الخارج وإلّا فأصل الحكم معلوم مبيّن من صدر الرواية ، فعلى هذا غير مرتبط بالشرطيّة ، ويصير دليلا للمشهور حيث أفتوا
__________________
(١) مرّ آنفا ، وهي موثّقة ابن بكير.
(٢) مرّ آنفا ، وهي رواية علي بن أبي حمزة.
(٣) مرّ آنفا وهي موثّقة ابن بكير.
(٤) مرّ آنفا وهي موثّقة ابن بكير.