بحيث يكون تصرّف الشارع حينئذ من باب التحديد وتعيين أحد مصاديق ما هو المعتبر عند العرف في الجملة ، وهو أمران : الاجتماع وعدم البعد بين الإمام والمأموم زائدا على المقدار المعيّن ، وعدم وجود الحاجب.
ثانيهما : ما يكون شرطا شرعيّا وتعبّديا محضا كعدم انخفاض مكان الإمام عن المأمومين.
أمّا القسم الأوّل : فالأوّل من الشرطين ـ وهو عدم وجود الحائل بين الإمام والمأموم إذا كان من الرجال ـ هو أن لا يكون بينهما ما يمنع عن المشاهدة غير الصفوف في سائر الحالات ، والجامع عدم وجود السترة المانعة عن المشاهدة.
والأصل فيه ـ مضافا إلى الإجماعات المنقولة البالغة إلى حدّ الاستفاضة في المسألة : ـ صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ففيها : «إن صلّى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأيّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة إمام وبينهم وبين الصفّ الّذي يتقدّمهم قدر ما لا يتخطّى فليس تلك لهم بصلاة ، وإن كان بينهم سترة أو جدار ، فليس تلك لهم بصلاة إلّا من كان بحيال الباب» وقال : «وهذه المقاصير لم يكن في زمان أحد من الناس وإنّما أحدثها الجبّارون ، وليس لمن صلّى خلفها يقتدي (١) بصلاة من فيها صلاة» (٢).
ودلالتها على المطلوب ـ وهو اعتبار عدم الحائل المانع عن المشاهدة ـ واضحة ؛ لأنّ المراد من السترة والجدار فيها ليس إلّا بيانا للمثال ، والمقصود من
__________________
(١) في من لا يحضره الفقيه : مقتديا.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٣٩ و ٤٠٧ الحديث ١١٠٣٣.