كان مقتديا بذلك الإمام مع علم المأموم ببطلان صلاته ، إذ المغتفر في حيلولة سائر المأمومين فيما إذا كانت جماعته صحيحة ، وإلّا فهو كغيره من الساتر ، كما لا يخفى.
وأمّا إذا شكّ في صحّة صلاة الواسطة وأجزاء الصفّ المتقدّم الحائل بينه وبين الإمام ، فلا مانع من الحكم بها ببركة أصالة الصحّة ، فحينئذ تصحّ صلاته جماعة ، ولو كانت صلاته فاسدة واقعا ، كما ذهب إليه في «المسالك» (١) لما سيأتي في مسألة بطلان صلاة الإمام واقعا مع عدم علم المأمومين به فإنّه لا يوجب بطلان صلاة المأمومين لعدم كون موضع صحّة الاقتداء إلّا إحراز صحّة صلاة الإمام ، ففي ما نحن فيه الأمر أظهر.
وذلك ؛ لأنّ من الأدلّة الدالّة على عدم مضرّيّة الحيلولة بالمأمومين وأنّ مشاهدة من يشاهد الإمام تكفي لصحّة الاقتداء وجوازه ؛ يستفاد أنّ كلّ مأموم يشاهد الإمام يقوم مقام الإمام بالنسبة إلى المأموم الآخر الّذي خلفه أو على يمينه أو شماله ، فكما أنّ إحراز كون صلاة الإمام صحيحة يكفي في انعقاد الجماعة الصحيحة حقيقة ولو كانت فاسدة واقعا ، وهكذا الحال بالنسبة إلى المأموم الحائل بين الإمام ومن خلفه.
وبذلك ظهر اندفاع ما أورده في «الجواهر» على «المسالك» قدسسرهما بأنّه بعد البناء وتسليم حصول الحيلولة بحائليّة المأموم المعلوم فساد صلاته ؛ فلا بدّ من الالتزام بعدم الفرق بين العلم بفساد صلاته وعدم العلم به ، مع فساده واقعا ، كما
__________________
(١) مسالك الإفهام : ١ / ٣٠٥.