يكون الشرط إحرازيّا لا واقعيّا أنّ الأدلّة الخاصّة في المقام مساعد مع الجهتين : إحداهما : عدم اعتبار العدالة بالنسبة إلى صحّة صلاة الإمام وتحقّق الجماعة ، بل إنّما هي شرط بالنسبة إلى المأمومين.
ثانيتهما : الّتي هي لازم الاولى تقريبا عدم الاشتراط بالنسبة إليهم واقعيّا ، بل شرط إحرازيّ ، لما سمعت من الوجوه ، خصوصا مرسلة ابن [أبي] عمير (١) الّتي بمدلولها شاهدة للثانية ، وببركة ترك الاستفصال للاولى ، فتأمّل!
وأمّا رواية السيّاري (٢) الّتي قد يتمسّك بها لإثبات العدالة الواقعيّة ، فهي ـ مع الغضّ عمّا في سندها ـ رواية مجملة لا يستظهر منها شيء ؛ لمكان أنّ روايته الاولى يستفاد منها اعتبار أمر فوق العدالة ، ولا يلتزم به أحد ، والثانية مجملة رأسا ، لأنّه لم يعلم المراد به بقوله عليهالسلام : «إن كانت قلوبهم واحدة فلا بأس» أيّ شيء هو؟
هذا كلّه ؛ مع أنّ صلاة الجماعة الّتي ورد الترغيب بها كثيرا غاية الكثرة لا تناسب اشتراط هذا الأمر فيها واقعا لأنّه نادر جدّا أحد يرى نفسه عادلا بينه وبين الله ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه وقع لصاحب «الجواهر» قدسسره في المقام كلام لا يخلو من الغرابة ، فإنّه حيث سلّم عدم اعتبار العدالة الواقعيّة في الإمام لعدم كون الإمامة من المناصب الّتي يعتبر فيها العدالة ولا يجوز للفاسق القيام عليها ، قال : بل وكذلك مسألة الإفتاء فلا يعتبر في المفتي أيضا العدالة حتّى فيما لو حصل للمستفتي الظنّ
__________________
(١) مرّت آنفا.
(٢) مرّت آنفا.