من قبيل عكس النقيض يكشف عن أنّ العمل الّذي ارتكبه يضرّ بالعدالة فيعتبر عدمه فيها.
ومن المعلوم ؛ أنّه حينئذ لا يرد شيء على التحديد كما هو واضح ، فلقد أجاد قدسسره حيث رفع الإشكال والاختلاف رأسا (١).
وإنّما الإشكال في تحديد الإصرار بالصغيرة الّتي هي أيضا تضرّ بالعدالة وتعدّ من الكبائر ، كما نصّ عليه الأخبار (٢) ، فهل يعتبر في تحقّق الإصرار تكرّر الفعل خارجا ، بأن يكون باقيا على معناه العرفي ، أو يتحقّق بصرف العزم على التكرّر ، أم يكفي عدم تعقّب الصغيرة بالندم والتوبة؟ فهذه هي الوجوه المحتملة ، والّذي يبدو في النظر هو الاحتمال الأخير لأنّ ترك التوبة معصية فيتحقّق الإصرار بنفسه إذا لم يتعقّب المعصية به.
ولكنّ الإشكال في أنّ وجوب التوبة بحكم العقل أو الشرع ، وليس للشرع تصرّف فيه ، وقد جعلنا في محلّه الضابط للأحكام العقليّة المستقلّة أنّه كلّما كان الحكم منجعلا بالذات ، بحيث كان سائر التكاليف بالنسبة إليه غيريّا ولولاه لم تجب كباب الإطاعة ، حيث إنّها أمر عقليّ لزوم امتثال التكاليف يتوقّف عليها وحكم العقل بها ، ولذلك لا يترتّب عليها من الثواب والعقاب سوى ما يترتّب على نفس التكليف الممتثل وتركه ، فمثل ذلك من الأحكام العقليّة الّتي منجعلة بالذات ، نظير حجيّة القطع وتعلّق الحكم الشرعي بها غير معقول.
فحينئذ مسألة لزوم التوبة إن كانت من شئون الإطاعة ، كما هو الظاهر ،
__________________
(١) كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري : ٧ / ٢٦٦.
(٢) وسائل الشيعة : ١٥ / ٣٢٩ الحديث ٢٠٦٦٠ و ٣٣١ الحديث ٢٠٦٦٣ ، و ٣٣٥ الحديث ٢٠٦٧٤.