أحدهما ، فالظاهر تخصيص هذا العامّ أوّلا بهذا الخاصّ ، ثمّ ملاحظة النسبة بينه وبين العامّ الآخر والعمل بمقتضاه. كيف كان ؛ لأنّ الدليل لا يعارض الآخر ما لم يستقرّ حجّيته من جميع الجهات ، والعامّ الّذي ورد في مقابله خاصّ لم يكن حجّة في مقدار الخاصّ أصلا ، فكيف يمكن أن يعارض الدليل الآخر المستقرّ حجيّته في كلّ الأفراد؟ كيف ولا يمكن عمل التعارض بينهما مع عدم استقرار ظهوره وحجيّته؟ فحينئذ بعد تخصيص أحد العامّين بالخاصّ الوارد في مقابله كثيرا ما ينقلب النسبة بينهما إلى العموم والخصوص المطلق ، فتنحصر حجيّة العامّ الآخر في غير مورد هذا العامّ بعد التخصيص بصيرورته أظهر ، بل نصّا في بعض المقامات بعد التخصيص في الأفراد الباقية تحته ، فلا يعارضه ظهور العامّ في هذه الموارد.
إذا عرفت ذلك ؛ فنقول : الأخبار الواردة في هذا الباب على ثلاثة أنحاء :
منها : ما يدلّ على عدم التحليل مطلقا ، كما في رواية عليّ بن راشد : قلت له : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك ، فقال لي بعضهم : وأيّ شيء حقّه؟ فلم أدر ما أجيبه.
فقال عليهالسلام : «يجب عليهم الخمس».
فقلت : ففي أيّ شيء؟
فقال عليهالسلام : «في أمتعتهم وصنائعهم».
قلت : والتاجر والصانع بيده؟
قال عليهالسلام : «إذا أمكنهم بعد مئونتهم» (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٠ الحديث ١٢٥٨١.