وكيف كان ؛ ينبغي التكلّم في ما تقتضيه أدلّة الباب ، فنقول ـ بعونه تعالى جلّ شأنه وتوجّه أوليائه ـ : ثمّ إنّه تارة يقع الكلام في الأدلّة الخاصّة وما تقتضيه أخبار الباب ، واخرى في الأدلّة العقليّة ومقتضى القواعد ، وقبل الشروع في البحث لا بدّ أن يعلم أوّلا أنّ المتسالم عندهم بطلان الوقف بموت الواقف قبل القبض إمّا من جهة كونه عقدا جائزا فيبطل بموت المتعاقدين ، وإمّا من عدم وقوعه رأسا ؛ لعدم اجتماع شرائطه.
وثانيا : لا إشكال أنّ العقود جائزا كان أو لازما بحدوثها يؤثّر أثره الأبدي ، ولذلك إبطال هذا الأثر يتوقّف على الرجوع عن مضمونه بأخذ العين الّتي تعلّق بها العقد وردّها ، كما في المعاطاة ، أو الفسخ كما في العقود الجائزة أو اللازمة ، وإلّا فلا ينحلّ العقد ولو ندم بعد حين ، فكلّ عقد وقع صحيحا مطلقا حلّه وإبطال أثره لا يمكن إلّا بأحد الأمرين : بالرجوع إلى العين بقصد الفسخ ، أو إنشائه ، ولا ثالث لهما ، كما هو واضح.
إذا تبيّن ذلك فنقول : أمّا الأدلّة الخاصّة ؛ فمنها أخبار باب الصدقة (١) ، حيث إنّ بناءهم على العمل بها في باب الوقف (٢) ، إمّا من جهة شمولها له لفظا كما هو الظاهر ؛ لورود هذه اللفظة في نفس أخبار الوقف أيضا ، وإمّا لإلحاقه بها مناطا.
فعلى كلّ حال ؛ يجرون أحكام الصدقة هنا إلّا ما خرج ، وقد ورد في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ١٧١ الباب ١ من أبواب الوقوف والصدقات.
(٢) جواهر الكلام : ٢٨ / ٢.