الفرع الثاني :
في «الشرائع» : ولو وقف على وجوه البرّ واطلق ، صرف في الفقراء والمساكين (١) .. إلى آخره.
لا يخفى : أنّ فيه من البحث جهات : الاولى : أنّه هل البرّ يعمّ مطلق الفعل ولو كان مباحا ، أو لا بدّ فيه من وجود الرّجحان ، ثم بناء على اعتبار الرّجحان هل يعمّ الرجحان المقدمي ، أو الّذي يلزم الرجحان بما يكون ذاتا كذلك.
ثمّ إنّه في الراجح ؛ هل يعتبر أن يكون قريبا أم لا؟ وتكون جهات اخر تظهر في طيّ البحث فنقول بعونه تعالى : أمّا الكلام في الجهة الاولى فيمكن الدعوى قريبا بأنّ لفظ «البرّ» المرادف للخير منصرف إلى الفعل الّذي فيه جهة رجحان ولا يعمّ المباح.
وبعبارة اخرى : أنّ ظاهره يأبى شمول ما ليس مبغوضا فقط ، بل البرّ يطلق على ما يكون مضافا عليه راجحا ومحبوبا ، كما أنّ الظاهر خروج القسم الثالث عن عنوان البرّ وهو الملازم ، مثل أن يعطى مال من يترك الصلاة الملازم اتّفاقا إيجادها فعلا واجبا ، مثل «الإزالة» فالبرّ منصرف عن مثل هذا الإعطاء أي في مقابل ترك الصلاة مع كونه حراما ذاتا ، وذلك لعدم سراية العنوان عن الملازم إلى الملازم.
فيبقى الكلام بالنسبة إلى القسم المتوسط ، فهل يصدق البرّ على الأفعال المقدميّة أم لا؟ كمن يعطي المال إلى الحاكم الجائر ليسلم من ضرره على نفسه أو عرضه ، وهذا على قسمين :
__________________
(١) شرائع الإسلام : ٢ / ٢١٥.