فتارة ؛ يقصد بالإعطاء التوصّل به إلى ذي المقدمة الّذي هو الرّاجح بحيث يجعله نفسه وجهة لعمله ، ولا يجعل المقدمة إلّا طريقا للوصول إليه ؛ فهذا لا إشكال فيه وملحق بالأوّل ، حيث إنّ المفروض أنّ المقصود في نفسه راجح ذاتا فعلا.
واخرى : يقصد عنوان نفس المقدّمة ، كما إذا لم يجعل في المثال قصده متوجّها إلى ذي المقدّمة ولو كان يعلم أنّ من فوائده سلامة نفسه وعرضه عن شرّ المعطى عليه قهرا ، فهنا يشكل شمول البرّ لهذا الفعل من حيث دعوى انصرافه إلى غيره ، ولكن لا يبعد الشمول ، إذ ترتّب ذي المقدّمة الّذي حسن بل راجح في نفسه قهريّ ، فالمقدّمة أيضا يصير محسّنا ، غايته أنّ حسنه غيريّ لا نفسي ، ولا سبيل إلى دعوى انصراف اللفظ إلى الثاني.
نعم ؛ بناء على اعتبار القربة حينئذ قد يستشكل كما في كلّ عبادة وعمل قربيّ ذات مقدمة فينكر الإجزاء بقصد القربة بالنسبة إلى المقدمة ، بل صيرورته قريبا يتوقّف على قصد التقرّب في نفس ذي المقدمة ، نظرا إلى أنّ الإطاعة لمّا كانت من المطاوعة التي هي عبارة عن جعل العبد إرادته مطاوعا وتبعا لإرادة المولى ؛ فلا بدّ من حفظ جهة المشابهة والمماثلة بين الإرادتين ، فحينئذ لا يبقى المجال لقصد التقرّب بالنسبة إلى المقدّمة ، إذ المفروض عدم تعلّق إرادة المولى بها إلّا تبعيّا ، وجعله وصلة لذي المقدمة التي هي عباديّ ، فلا معنى لجعلها العبد مرادا مستقلّا بحيث يتقرّب بنفسها.
ولكن نحن لمّا أبطلنا هذا الأساس في محلّه ، حيث إنّ الأحكام والإرادات مطلقا كلّها مرجعها إلى المقدميّة الّتي هي استراحة النفس في هذه النشأة أو