النشأتين ، فحينئذ يلزم عدم جواز قصد التقرّب بجلّ العبادات وغيرها على التفصيل المذكور في محلّه ، فنحن في سعة عن هذه الجهة ، فيبقى الإشكال في الانصراف المذكور ولا يبعد إنكاره فتأمّل! فالظاهر ؛ أنّه لا ربط لهذا الإشكال إلّا بالمقام.
وأمّا الجهة الثالثة وهي : أنّه لا بدّ أن يتقرّب الصارف والمباشر في عمله أم لا ، بل يكفي الرجحان الذاتي للمصرف؟ إثبات اعتبار ذلك يتوقّف على الاستظهار من كلام الواقف أنّه قصد الحسن الفاعلي للفعل ، وهذا لمّا يتوقّف على إتيان الفعل لحسنه ، وإلّا فمطلق صدور الفعل الحسن عن الشخص لا يتّصف موجده بالحسن ، بل هو موقوف على قصده إصدار الفعل كذلك ؛ فلا بدّ أن يتقرّب فيه الفاعل ، وأمّا نفس عنوان البرّ والفعل الخير فلا يتوقّف على ما ذكر كما لا يخفى ، فإن تمّ الاستظهار المزبور فلا بدّ منه وإلّا فلا ، والله العالم.
الفرع الثالث :
في «الشرائع» : وكذا لو وقف على غير معيّن كأن يقول على أحد هذين إلى آخر (١) أي يبطل.
وهذا يمكن على أقسام : فتارة يقصد أحدهما معيّنا ولكنّ الصيغة يجريها كذلك ، وهذا لا مانع عن صحّته ، غايته أنّه لو بقي على الجهالة للتالي ينتهي الأمر إلى القرعة للتّعيين ، والقابل في هذه الصّورة هو الوليّ في الأوقاف العامّة ، أو على غير البالغ ، وأحد الطرفين أصالة ونيابة في الأوقاف الخاصّة لمن هو الموقوف عليه واقعا ، أو يقبل كلاهما رجاء.
__________________
(١) شرائع الإسلام : ٢ / ٢١٦.