أمّا الكلام من الجهة الاولى : فالذي يمكن أن يستظهر من كلماتهم من حيث المجموع ، عدم اعتبار الدّوام في حقيقة الوقف من هذه الجهة ، بل هي الجامع بين القصير والطويل على ما استظهره صاحب «الجواهر» قدسسره من عبارات القوم أنّه يقع وقفا في حكم الحبس ، والابتناء على الوجه الثاني من وقوعه حبسا كما يظهر من بعضهم (١) ، فحينئذ ؛ الحكم بذلك ـ مع أنّ المفروض ظهور الصيغة في إرادة معنى الوقف ـ مبنيّ على أحد الأمرين :
الأوّل : على ما ذكرنا سابقا واحتملناه في القسم الأوّل من الوقت بحمله على الحبس ولو أراد المالك الوقف من جهة الاستظهار وتعدّد المطلوب والأخذ ببعضه إذا لم يمكن الأخذ بتمام المفهوم.
الثاني : بأن يجعل ذلك ـ أي عدم ذكر بعض الطبقة ـ للموقوف عليه وجعل المصرف ممّا يتعرّض قرينته على إرادة الحبس من لفظ الوقف.
ثمّ إنّ حكمهم بالصحّة ـ مع أنّ لفظ العقد غير صريح ـ يجعل كاشفا عن عدم اعتباره في الحبس ويخصّص الإجماع عليه لسائر العقود ، أو يسلّم شمول الإجماع له ، ودخوله في معقده ، إلّا أنّه لمّا بنوا على صيرورة نفس اللفظ من جهة القرينيّة المذكورة صريحا ، حيث إنّ مناطه ليس إلّا أن يعلم المخاطب بم خوطب؟ وهذان الوجهان مع ما فيهما من الإشكال أصل مبناهما فاسد ، لكون الفرض خارجا عن محلّ النزاع ، وهكذا الاحتمال الأوّل لما تقدّم أنّ استفادة تعدّد المطلوب في غاية الإشكال ، كما أنّ احتمال البطلان رأسا أيضا لا وجه له ، فحينئذ يتعيّن القول بوقوعه وقفا ، إلّا أنّ الذي يبعّده أنّ المرتكز في الأذهان في
__________________
(١) جواهر الكلام : ٢٨ / ٥٤ و ٥٥.