معنى الوقف هو الخروج الأبدي وقطع العلاقة عن الوقف رأسا.
ولكن ، يمكن حمله على الغالب في الأوقاف لا أن يكون المفهوم منحصرا به مطلقا.
ثم إنّ ممّا ذكرنا ظهر الأمر في الجهة الثانية أيضا في الجملة ، وأنّ احتمال الصرف في وجوه البرّ بعد الانقراض ـ كما احتمله بعضهم (١) ـ لا وجه له أصلا إذ هو يتوقّف على الخروج المطلق عن الملك فينحصر الأمر بأحد الوجهين الآخرين.
ولكنّه يتولّد حينئذ إشكال آخر وهو أنّه قد عرفت في مسألة ما لو بطل رسم الموقوف عليه ، وقد أشرنا هناك أنّ لها جهة اشتراك مع هذه المسألة ، أنّ بناء المشهور فيها هو صرف الوقف بعد الانقراض في وجوه البرّ مطلقا ، سواء كان الموقوف عليه ممّا هو القابل للبقاء ، أو من المنقرض عادة فيطالب الفرق بين المقامين.
ويمكن أن يكون الوجه فيه ؛ أنّ في تلك المسألة لمّا كان من ذكر المصرف الدائميّ ؛ يستكشف [منه] إرادة الواقف الإخراج بقول مطلق ، فحينئذ ؛ أمّا بناء على أنّ في الأوقاف العامّة تملّك المسلمين الوقف ، فالأمر واضح ، حيث إنّه يحكم بتمليكهم إلى الأبد ، وبناء على كونها إيقافا ـ كما هو التحقيق ـ فيكون المصرف المذكور قرينة على الإيقاف الأبدي ، لا في بعض الأزمان ، فلذلك استقرّ رأي المشهور هناك على ما ذكر ، بخلافه هنا.
ولكن لا يخفى أنّ ذلك لا يتمّ مطلقا بل لا بدّ من التفصيل بين ما كان المصرف ممّا لا ينقرض غالبا ، وما لا يكون كذلك ، مع أنّ في الفرق مطلقا يمكن
__________________
(١) غنية النزوع : ١ / ٢٩٩.