المناقشة في أنّ ذكر المصرف القابل للبقاء أيضا لا يصير كاشفا على الإخراج المطلق لمكان تقيّد الإنشاء وإرادة الوقف واقعا بالمصرف المعهود ، فحينئذ ولو اتّفق بطلان رسمه ، مع ذلك لا مجال لاستظهار الإرادة المطلقة ، فلا بدّ بعده من صرفه في وجوه البرّ أو الأقرب إلى غرض الواقف ، فعلى هذا يتعيّن الوجه الأوّل في دفع الإشكال على مسلك «الجواهر» من كون الوقف العامّ تمليكا للمسلمين ، والملكيّة لمّا كانت أمرا قارّا لا تدريجيّا ؛ فإذا تحقّقت تبقى على طبعها إلى الأبد (١) والله العالم ، هذا تمام الكلام في الجهة الاولى.
وأمّا الجهة الثانية فقد عرفت في طيّ البحث أنّ احتمال صرف الوقف في المقام بعد الانقراض في وجوه البرّ لا مجال له ، إذ المفروض بطلان الوقف حينئذ ، وإنّما الأمر يدور بين رجوعه إلى ورثة الواقف حينئذ أو الموقوف عليه ، والأوّل منهما مبنيّ على أن تكون الملكيّة أمرا تدريجيّا نظير المنافع ، بحيث كان إضافة كلّ قطعة من هذه الامور التدريجية إلى طبقة تتوقّف على اعتبارها ، فحينئذ لمّا كان المفروض عدم اعتبارها إلّا بطبقة واحدة ، أو أزيد فلا وجه لانتقال الملك إلى ورثتهم ، بل لا بدّ من أن يرجع إلى ورثة الواقف لما يقتضيه طبع الملك بعد انقضاء طرف الاعتبار.
وأمّا على ما هو التحقيق ؛ من كون الملكيّة من الامور القارّة بحيث إذا اعتبرت بإحداث العلقة بين شخص وشيء ، فهي ثابتة على مقتضى طبعها بلا احتياج إلى مئونة زائدة فلا محيص عن الالتزام بالوجه الثاني ، حيث إنّ العلقة قد حصلت بين الطبقة الاولى والعين باعتبار الواقف ، فمقتضاها بقاؤها وعدم
__________________
(١) جواهر الكلام : ٢٨ / ٤٤.