وممّا ذكرنا في صلاة الإهداء اتّضح جواز الصلاة المندوبة بقصد الثواب الدنيوي كتوسعة الرزق وصلاة الحاجة ، فإنّ هذا الأمر إنّما هو على الفعل المتقرّب به ، لا على المطلق ، فهو ينوي ترتّب الأثر الدنيوي ويطلبه من الله بهذا الفعل الّذي يتقرّب به ، وكذا مثل الجنّة والنار اللتين ادّعى الشهيد الأوّل في قواعده ـ على ما قيل ـ (١) الإجماع على بطلان العبادة بجعلهما غاية لها ، فإنّ قصدهما ـ على ما قلنا ـ غير مضرّ إجماعا ، ومراده قدسسره قصدهما على وجه يجعلهما غاية للعبادة بلا توسّط القربة ، بأن يصلّي للجنّة لا لله ، ويقصد بهذه الصلاة المتقرّب بها الجنّة أو الخلاص من النار ، فافهم!
وأمّا الحجّ الواجب عن الميّت وكذا الصلاة الواجبة بعد الحياة ؛ فالاستيجار والتوكيل غير مناف لقصد قربة الفاعل ، فإنّ الفعل بعد ما كان مشروعا مطلوبا للشارع وهو إتيان واجب الغير بعد حياته ، ورتّب الشارع عليه الأثر الّذي كان يترتّب على المفعول له لو كان فاعلا على فعل هذا النائب وهو البراءة جاز أخذ الاجرة على هذا الفعل.
فكما أنّه قبل الاستيجار لو ينوي بفعله له تقرّبه وتقرّب غيره مترتّبا وكان يبرئ ذمّته لو كان واجبا عليه ، فكذا يجوز أخذ الاجرة عليه ، كما أنّ متعلّق النذر قبل النذر لا بدّ أن يكون مطلوبا ومشروعا وبه يصير واجبا ، فكلّ قيد كان فيه قبله فهو باق بعده حتّى الوجوب والندب.
وهل يجب في نذر الواجب والمندوب حين فعلهما أن ينوي وجوبهما النذري غير الوجوب أو الندب الأصلي؟ قولان ، ولعلّ الاكتفاء بالفعل لو كان
__________________
(١) الأربعون للشيخ البهائي : ٢٢٥ و ٢٢٦.