وأمّا التوكيل في الدعاوى ؛ فهو توكيل في الخصومة والترافع وإقامة الشهود وجرحهم ، وهذه امور يكون له التولّي بنفسه وبغيره ، لأنّ هذه ولاية فله إرجاعها إلى غيره ، بخلاف أصل تحرير الدعوى فقط ، إلّا أن يكون من باب المقدّمة ، فيصحّ التوكيل فيه تبعا للامور المذكورة.
فلو وكلّه فيه لا فيها بطلت قطعا ، لأنّه إن حرّر الدعوى من قبل نفسه ، بأن يقول : فلان يدّعي عليك كذا ، فهذه الدعوى غير مسموعة ، لعدم الخصومة معه.
وإن قال : أنا وكيل في هذه الدعوى فقد عرفت بطلانه ، لعدم ولاية للمخبر في الإخبار حتّى يفوّضها إلى غيره ، وأمّا الإقرار فكذلك غير قابل لها إجماعا ، وإنّما النزاع في أنّ التوكيل فيه إقرار أم لا؟
ولعلّه من باب الإقرار المعلّق ، كأن يقول : إن جاء رأس الشهر فله عليّ كذا.
فنقول : إنّه إذا قال : اذهب وأقرّ عنّي لفلان ، معناه : إنّه إذا أقرّ الوكيل بكذا ، فله عليّ كذا ، فافهم.
فلعلّ هذا مراد الشيخ رحمهالله حيث حكم بأنّ التوكيل فيه إقرار (١) ، قال العلّامة في «القواعد» : وفي التوكيل على الإقرار إشكال ، فإن أبطلناه ففي جعله مقرّا بنفس التوكيل نظر (٢) ، انتهى.
والحاصل ؛ إنّ التوكيل غير معقول في الإخبارات ، بل مختصّ بالإنشاءات ، إذ لا ولاية للموكّل في الإخبارات حتّى يوكّلها ويفوّضها إلى غيره ،
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٣٢.
(٢) قواعد الأحكام : ١ / ٢٥٤.