لأنّ الإخبار إن كان عن حقّ للغير على غيره وهي الشهادة ، فإخبار الشهادة فيه قد اخذ على وجه الموضوعيّة للحكم وحضور الشاهد جزء الموضوع ، فلا يمكن التوكيل فيها.
أمّا شهادة الفرع فعلى ثلاثة أقسام :
أعلاها : الاستدعاء (١) ، وهو أن يقول : اشهد عنّي عند الحاكم بكذا.
وثانيها : أن يسمع شهادته عند الحاكم فينقلها عند غيره.
وثالثها : أن يكون التقاول والشهادة بين الشاهد والسامع.
وهذان القسمان وإن كانا أخفض من الأوّل ، لكنّهما معتبران إلّا القسم الأخير ، إذ لم يشتمل على ذكر السبب ، مثل أن يقول عن ثمن ثوب أو عقار ، وكذا القسم الأوّل لكن إن كان مقام الاضطرار ، فليس من باب التوكيل ، لأنّ حجّية الإخبار من جهة كاشفيّة الخبر عن الواقع ، وهذه الصفة غير قائمة بخبر الوكيل.
نعم ، يكشف خبره عن خبره الكاشف عن الواقع ، وليس هذا توكيلا في شيء ، وإن كان عن حقّ لازم على نفسه للغير وهو الإقرار ، فهو وإن كان إنشاء في وجه لكن حجّيته باعتبار كاشفيّته عن الواقع ، فلا يمكن التوكيل فيه.
وأمّا شاهد الإقرار ؛ فهو كاشف بنفسه عن إقراره لا عن الواقع ، فتدبّر!
والحاصل ؛ أنّ إخبار الوكيل بإقرار الموكّل إمّا إخبار عن حقّ الغير على الغير ، وإمّا إخبار عن حقّ لازم للغير على المخبر ، والأوّل شهادة ، وبطلان الثاني بيّن ، وبطلان اجتماعهما أبين.
__________________
(١) لا لتماس الشاهد الأصل رعاية شهادته والشهادة بها «منه رحمهالله».