فلو قال : اشهد عنّي أنّ لفلان عليّ كذا ، لا يدلّ على الإقرار ، لأنّ التوكيل إنشاء وهو إخبار حقيقة إلّا أن يقال بدلالته عليه التزاما ، حيث إنّه يضمّ الإخبار فيكون إقرارا.
قال المحقّق الثاني في شرح قول العلّامة المتقدّم ذكره بعد ما ذكر وجهي الإشكال : وفيه نظر ، أي في دليل كونه إقرارا بما أشرنا إليه أخيرا من أنّ التوكيل يتضمّن الإخبار.
قال : لأنّ ما تضمّنه التوكيل هو صورة الإخبار ، وليس إخبارا حقيقة ، للعلم بأنّ قوله : لزيد عندي كذا ، في قوله : وكّلتك بأن تقرّ عنّي بأنّ لزيد عندي كذا ، لم يأت به للإخبار ، بل لبيان اللفظ الّذي يخبر به ، فهو في الحقيقة من تتمّة بيان الموكّل فيه ، والأصحّ أنّه لا يكون إقرارا (١) ، انتهى.
قد سبق أنّه يحتمل أن يكون هذا من باب الإقرار المعلّق ، وسيجيء ما يدلّ عليه وإن كان في إطلاقه نظر ، وإن كان الإخبار ادّعاء فقد ظهر وجهه ـ أي وجه عدم التوكيل فيه ـ ممّا ذكر في الإقرار والشهادة ، بل في مطلق الإخبار (٢).
__________________
(١) جامع المقاصد : ٨ / ٢٢٠.
(٢) قال في محكي «الخلاف» يصحّ إقراره ويلزم الموكّل بالمقرّ به إذا كان معلوما ، وبتفسيره إن كان مجهولا ، لعدم المانع منه والأصل جوازه.
مضافا إلى عموم «المؤمنون عند شروطهم» (الخلاف : ٣ / ٣٤٤ المسألة ٥) ، وهذا شرط أنّه يلزم ما يقرّبه الوكيل.
أقول : الظاهر أنّ مراده من الأصل هو الصحّة والجواز المستفاد من عمومات الوكالة ، فمعارضته بأصالة البراءة ـ كما قيل ـ في غير محلّه ، لما حقّق في محلّه من ورود الأدلّة الاجتهاديّة على الفقاهتيّة ، لأنّها دليل حيث لا دليل ، إذ موضوعها ـ وهو المشكوك ـ يرتفع بها. ـ