__________________
ـ وقول السيّد صاحب «الرياض» : إنّ في هذا الأصل نظرا ، لعدم الدليل عليه (رياض المسائل : ٦ / ٦٤) لعلّه من جهة أنّه فهم منه أصل الجواز الغير المستفاد من العمومات.
وأنت خبير بأنّ الحكم التكليفي الّذي يستنبط منه الحكم الوضعي كإباحة التصرّف وحلّيته وتسلّط الناس على أموالهم إنّما هو في الحكم المستفاد من دليل اجتهاديّ ، لا من دليل فقاهتي ، فتدبّر!
فلا ينبغي للشيخ البناء في الصحّة على مثل هذا الأصل الفقاهتي الّذي فهمه هذا السيّد السند مع ظهور قوله ولا مانع من إرادة المقتضي من الأصل ، وإن كان استدلال الشيخ محلّ نظر ، وبيانه موقوف على مقدّمة ، وهي : المخصّص المجمل ، إمّا مجمل من حيث المصداق ، وإمّا من حيث المفهوم.
ففي الأوّل ؛ قيل : يتمسّك بالعموم ، كما هو منقول بناء القدماء ، إذ لا يرفع اليد من العموم إلّا بمخصّص متيقّن ، فكأنّه قال مثلا : أكرم العلماء إلّا زيدا المعلوم ، أو كقولك : أكرم العلماء لا تكرم الفسّاق ، فشكّ في أنّ زيدا ـ مثلا ـ فاسق أم غير فاسق؟ فالمشكوك أنّه زيد أو لا ، غير مخرج عن العموم ، بل الأصل عدم كونه زيدا.
والّذي بنى عليه المحقّقون من المتأخّرين هو الوقف ، لأنّ الكبرى لا يثبت الصغرى ـ فتأمّل ـ ولأنّ مرجع هذا التخصيص إلى تنويع العامّ ، فكأنّه قال : لا تكرم زيدا العالم ، وأكرم العلماء غير زيد ، فأصالة عدم كونه زيدا معارض بعدم كونه غير زيد ، لكونهما أمرين وجوديّين.
وأمّا المشكوك بالمخصّص المجمل المفهومي فالتحقيق فيه ـ كما عليه أهله ـ هو الأخذ في التخصيص ، والعمل بالعموم بالمتيقّن ، والوقف في المشكوك ، لأنّ إجمال المخصّص يوجب الإجمال في العامّ ، فلا مجال للتمسّك به ، فافهم ، وتمام الكلام في محلّه.
فإذا تمهّدت هذه فنقول : مع أنّه لا عموم ولا إطلاق في باب الوكالة ، بل مشروعيّتها تثبت من موارد خاصّة ورد من الشارع إمضاؤها فعلا أو قولا أو تقريرا لو سلّمنا العموم ، ولو من عموم الحكمة في بعض الإطلاقات ـ كما قيل ـ لا شكّ في تخصيصها بما لا يقبل النيابة لترتّب الشارع الغرض والأثر على المباشرة ، فهذا أمر مجمل مفهوما أو مصداقا ، فلا يجوز في ما شكّ أنّه ممّا يقبلها أو ممّا لا يقبلها التمسّك بالعموم.
وهذا نظير أنّه لو شكّ ـ مثلا ـ في أنّ بعض الأشياء مال أم لا؟ فلا يجوز التمسّك لجواز بيعه بعموماته ، لأنّ بالكبرى لا يثبت الصغرى. –