هذا ، وأمّا النذور والأيمان والعهود فهي من العبادات غير قابلة للتوكيل ، وتحقيق المقام يقتضي بيان حقائقها ، فنقول : إنّ النذر هو الالتزام وإلزام أمر على النفس من قبل الله تعالى ، فمعنى «لله عليّ كذا» : أنّه بعد ما أذن الشارع بأدلّة تشريعيّة النذر أن يلتزم عنه تعالى بأمر ، ويلزمه عنه على نفسه ، مثل : أن فوّض تشريع بعض العبادات على الناس إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على نفسه ، فإذا أوجب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرا عليهم عنه تعالى فقد فعل هذا بأمره وصار هذا واجبا يكون أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره تعالى.
فكما أنّ أحدا لو فوّض تعيين أمر إلى غيره فعيّن ، يقال : إنّه معيّن ، فكذلك ما شرّعه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بإذنه تعالى الكلّي كان تشريعا من الله ، فانظر إلى ما يشرّعه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقول مثلا : من فعل كذا فله أجر كذا ، فهذا إنشاء منه في جعل الحكم وفي جعل الثواب المعيّن ، وليس إخبارا قطعا ، إذ لو لا تشريعه ذلك الحكم لم
__________________
ـ نعم ؛ عند الشكّ في شرطيّة شيء أو مانعيّته يجوز التمسّك بالعموم ، لأنّه شكّ في المخصّص رأسا ، لا عند الشكّ في وجود ركن العقد وعدمه ، فالإقرار مشكوك في قابليّته لها ، فلا يجوز التمسّك بعموماتها ، لأنّ الموضوع غير محرز ، فإجراء الحكم غير مقدور ، فلا أصل يقتضي الجواز ، لا أنّ المانع محتمل حتّى يدفعه عموم المقتضي.
وأمّا التمسّك بالشرط ؛ فالشرط هو الالتزام في عقد لازم كالبيع ونحوه لو اريد ظاهر هذا الكلام ، وهو الأخذ بالوجوب ، لعدم وجوب الوفاء بمطلق الشرط إلّا ما ذكرنا.
ولو قيل : إنّه العهد والالتزام لوجب حمل الخبر (الاستبصار : ٣ / ٢٣٢ الحديث ٨٣٥) على مطلق الرجحان ، أو طرحه ؛ للإجماع على عدم بقائه على عمومه بخروج أكثر أفراده الموهن للتمسّك به ، مع بناء العلماء على التمسّك به للوجوب ، فنحو هذا الشرط غير لازم الوفاء قطعا ، لعدم كونه مشروطا في ضمن عقد لازم ، ولا يلزم من استحباب الوفاء التزامه بذلك ، وعدم وجود الإجماع على الوجوب في المقام الموجب لتخصّصه لو لم يحمل على الوجوب بالوجه الّذي ذكرنا من حمل الشرط على المعنى المذكور ، وهو الالتزام في ضمن عقد لازم كالبيع ونحوه «منه رحمهالله».