يكن الثواب مترتّبا على فاعله.
وهذان الإنشاء ان بعد إذنه تعالى له في التشريع ، فكأنّه قال : اجعل عنّي كلّ حكم تريد وتراه صلاحا ، واجعل ثوابا تراه عليه ، فما جعله هو ما جعله الله تعالى ، فهذا الناذر قد أذن الله تعالى أن يجعل ، ويوجب عنه عليه أمرا لكن لا مطلقا بل ما لم يكن محرّما وكان مأذونا عنّي مع قطع النظر عن التزامك به ، فهذا يقول : قد أوجبت عن الله على نفسي كذا ، المستفاد هذا من قوله : لله عليّ كذا ، كما يقال : لك عليّ أن أفعل كذا.
فكما أنّه لو أمرك شخص بأن تفعل كذا بكذا فقلت : لك عليّ أن أفعل كذا بكذا ، يصير هذا التزاما منك عنه ، لكنّه بالأخرة التزام منه عليك ، فكذلك ما نحن فيه بعد تشريع أن يلتزم الإنسان أمرا راجحا على نفسه يكون ذلك الأمر الملتزم ملتزما من الله تعالى ، غاية الأمر بلسانه واختياره ، حيث إنّ معنى قوله : لله ، هو امتثال أوامر تشريع النذر ، فلا احتياج إلى قصد القربة ، إذ دليل اشتراطها لم يدلّ إلّا على كون الفعل لله تعالى غير محتاج إلى اللفظ بالتقرّب أو إخطار هذا المعنى ، بل المحتاج إليه في حصولها هو إتيان الأمر في الخاطر حين الفعل وقصده امتثاله.
وهذا أمر حاصل بقوله : لله ، كما يقول : أصلّي صلاة الصبح لأنّ الشارع أمرني بها ، ولهذا لم يذكر جماعة في النذر اشتراطها غاية ، كالشهيد الأوّل في «اللمعة» (١) مع كونها شرطا فيه في الجملة إجماعا ، واستقر بهما الشهيدان في «الدروس» و «الروضة» (٢) ، لكنّه قد يقال : بأنّ قوله : لله ، لبيان أن الالتزام من قبل
__________________
(١) اللمعة الدمشقيّة : ٩٧.
(٢) الدروس الشرعيّة : ٢ / ١٥٠ و ١٥٤ ، الروضة البهيّة : ٣ / ٣٦.