الله وبإذنه ، وأمّا أنّ هذا الالتزام للتقرّب إليه تعالى أو لغيره فأمر آخر لا بدّ منه.
فلو نوى في صلاته الصبح ـ مثلا ـ كونه مأمورا به غير ناو بفعله التقرّب ، لم تكن صحيحة.
أقول : إنّما الكلام في انفكاك حصول التقرّب عن قصد الامتثال للأمر وإتيان الفعل بعنوان أنّه مأمور به ، قال الله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) ولم يقل إلّا ليقصدوا التقرّب والإخلاص في الأوامر.
نعم ؛ حصول الإخلاص متوقّف على إتيان المأمور به بعنوان أنّه مأمور به.
وبالجملة ؛ المسألة غير خالية عن الإشكال ولم يحصل الترجيح لنا الآن فلا بدّ من ملاحظة الاحتياط حين النذر وبعده ، فتأمّل!
فحيث قد حقّق كون النذر عبادة ومأمورا به فقد يناقش فيه ، بناء على كونه مكروها مع عدم اجتماع الكراهة مع العبادة ؛ لكونها راجحة في ذاتها ، ومعنى الكراهة هو المرجوحيّة في حدّ ذاتها ، والكراهة في بعض العبادات كالصلاة في الأرض السبخة ـ مثلا ـ معناها المرجوحيّة بالنسبة المعبّر عنها بالأقليّة ثوابا ، فالصلاة فيها مرجوحة بالنسبة إليها في غيرها ، عكس الاستحباب في الواجب.
فنقول : إنّ معنى كراهة النذر معناها مرجوحيّة الالتزام وفعل الملتزم به بالنسبة إلى عدم الالتزام ، وفعله بأمره الندبي وأرجحيّة المندوب على الواجب في نظر الشارع غير مستبعد ، كما يومي إلى ذلك ما ورد من أنّ ثواب زيارة قبر
__________________
(١) البيّنة (٩٨) : ٥.