كما عرّفوها بأنّها الإرادة المنبعثة المؤثّرة في إيجاد الفعل المنبعثة عمّا في نفسه من الغايات على وجه يخرج بها عن الساهي والغافل ، ففي الحقيقة مقارنة تلك الإرادة المذكورة للفعل موجب لإيجاد نفس [النيّة] بها يكون الفاعل قاصدا ، ولذا اعتبروا المقارنة فيها بعد اعتبار النيّة ، وليس هي إلّا القصد.
وأمّا الإرادة المنبعثة على تحصيل مقدّمات الفعل المسبوق بالعلم إلى الغاية فهو من لوازم العقل وعدم صدور الفعل من العاقل من غير ملاحظة فائدة ، ووجود ذلك غير مقارن لنفس الفعل حين وجوده لا يخرج الفاعل عن الساهي والغافل إلى القاصد.
لكنّ المراد بالنيّة في العبادات أمر مركّب من القصد إلى الفعل ـ كما فصّلناه ـ وإلى التقرّب لاشتراط تحقّق العبادة بقصد إتيانها على وجه الامتثال ؛ لأنّها ما يتوقّف على قصد القربة.
وأمّا نيّة المأمور به وأوصافه فلم يدلّ دليل على وجوبها ، كما صرّح به الشهيد الثاني في «الروضة» (١).
نعم ؛ لو كان المأمور به متعدّدا اشترط التعيين ؛ لتوقّف الامتثال عليه ، ولذا ذكر صاحب «الجواهر» في شرح «الجواهر» المسمّى ب «نجاة العباد» في كتاب الصوم وغيره : بعد ما ذكرنا أنّه لو نوى شيئا من الأوصاف في محلّ ضدّه على وجه لا ينافي التعيين ولا يقتضي تغيير النوع صحّ ، حتّى لو كان مشرّعا وإن أثم بتشريعه (٢).
__________________
(١) الروضة البهيّة : ١ / ٧٢.
(٢) نجاة العباد في يوم المعاد : ٤٢ و ١١١ و ١٩٠.