فظهور السؤال مع الجواب المنزّل عليه دالّ على ذلك ، فمرجع هذا يكون إلى دعوى انصراف آخر.
فانقدح ممّا ذكرنا ؛ أنّ التحقيق هو ما ذهب إليه الشيخ قدسسره (١) من اشتراط مخوفيّة المرض ، وأيضا عدم كون حضور الموت علّة مستقلّة للحجر كما زعمه بعض (٢) ، نظرا بالإطلاق الصوري ـ لما عرفت من الأدلّة ـ غفلة عن القرينة الحاليّة الّتي احتفّ الكلام به الموجب لانصراف اللفظ إلى الوجه الأخصّ ، فالموضوع لعنوان المسألة ـ الّذي هو محلّ للخلاف ـ هو المرض المتّصل بالوفاة ، لا المرض المطلق ، بلا خلاف ، ولا مطلق حضور الموت ؛ لعدم مساعدة الدليل عليه ، كما أوضحنا.
بقي الكلام في أنّه بناء على الحجر ، هل الحكم ثابت لمطلق أيّام المرض ، أم مختصّ بآخره القريب بالوفاة؟ فمثل مرض الدقّ ونحوه الّذي يمكن أن يطول مدّة من الزمان ، فلو أوصى في أوائله ، فحكمه مثل حمّى العفن الّذي لو انتهى إلى الموت لا يطول غالبا ، أم لا ، بل الحجر في مرض الدقّ وأمثاله منحصر بالأواخر الّذي يقال عرفا : إنّه قرب موته؟ فهذه المسألة أيضا صارت منشأ للإشكال والخلاف.
ثمّ لا يخفى أوّلا أنّ مقتضى ظواهر الأدلّة أيضا الإطلاق ، ولا مجال لدعوى الانصراف ونحوه للاختصاص من اقتضاء الإطلاق والتقييد ذلك ، إذ قد يتوهّم أنّه بعد البناء على كون المراد من حضور الموت والوفاة هو المرض الّذي
__________________
(١) حكى عنه في جواهر الكلام : ٢٦ / ٧٤ وفي جامع المقاصد : ١١ / ٩٦.
(٢) نقل عن القواعد في جواهر الكلام : ٢٦ / ٧٤.