والانقلاب فيهما بل يكون أثر هذا التمليك صرف جعل حقّ الانتفاع لهم ، فيستحقّون أن يعملوا في العين العمل الّذي اعير العين واوقف له ، فلا يتوقّف استحقاقهم ذلك أن يكون العين أو المنفعة ملكا لهم ، بل فيه تسبيل الانتفاع وتمليكه ، وهذا أمر اعتبره العقلاء ، والشارع أيضا أمضاه.
وأمّا جهة الضمان ـ أي ضمان العين ـ فقد تبيّن لك صدق عنوان الغصب على تغليب الأوقاف العامّة وتغييرها عن هيئتها الموقوفة عليها ، وقد ذكرنا في صدر الباب أنّ الغصب مساوق لليد ، ولا يخفى أنّه بعد لحاظ العلقة المذكورة بين الأوقاف المذكورة والموقوف عليهم ، فيصدق أيضا على اليد العادية فيها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» (١) ولا إشكال أنّ أخذ كلّ شيء بحسبه ، فأخذ العين يكون بوضع اليد عليها ، وأخذ الانتفاع يكون بوضع اليد على ما ينتفع منه ، ومنع المستحقّين عن انتفاعهم [منه].
هذا اعتبار الأخذ ، وأمّا اعتبار الأداء فيها ؛ فإنّما يكون بردّ ما ينتفع به إليهم ، فإن كان بدّله أو جعله محلّا لانتفاع شخصه فيردّه إلى ذوي الحقوق ، ويجعله في محلّه حتّى يستفيد ذوو الحقوق منها كما عيّن بحسب ما أوقفها أهلها لمصرفها ، هذا بخلاف مثل منافع الحرّ ؛ فإنّه وإن كان يتصوّر الاستيلاء بالنسبة إلى الحرّ ، إلّا أنّه لا يصدق الضمان على منافعه الفائتة زمن الاستيلاء عليه وحسبه ، وعلّة ذلك أنّ الإضافة الاختصاصيّة الّتي تكون في الأوقاف ، بحيث يكون منشأ تلك الإضافة الحكم الوضعي الّذي اعتبر فيها باعتبار حقوق الموقوف عليهم المتعلّقة بالأعيان الموقوفة الّتي صارت تلك الإضافة منشأ
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢٤ الحديث ١٠٦ ، مستدرك الوسائل : ١٧ / ٨٨ الحديث ٢٠٨١٩.