لاعتبار نحو ماليّة فيها لهم تلك الإضافة ، ما اعتبر بين الحرّ ومنافعه ، ولذلك قلنا : إنّ سلطنته على نفسه ليست إلّا قدرة محضة وحكما صرفا ، فلذلك ؛ وإن صدق الأخذ على الاستيلاء على الحرّ بوضع اليد عليه ، إلّا أنّ غاية قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على اليد» وهي «حتّى تؤدّي» لا يصدق ، لأنّ التأدية موقوفة على أن يكون المؤدّى مالا أو حقّا حتّى يردّ ، فيتحقّق الأداء ، وقد أوضحنا : لا اعتبار ماليّة أصلا بالنسبة إلى منافع الحرّ ، فتأمّل! (١)
فانقدح بما ذكرنا تحقيق الضمان باستيلاء اليد على الأوقاف العامّة ، وصدق الغصبيّة عليها عند ذلك ، فللموقوف عليهم إلزام الغاصب على ردّ الأعيان الموقوفة وأخذها منه ؛ لصدق قاعدة «اليد» على عمله ذلك.
ومن البديهة أنّ الضمان لا يتوقّف على مئونة أزيد من ذلك ، وكذلك يضمن العادي والغاصب منافعها المستوفاة بالملاك الّذي بيّنا في ضمانه أصل العين الموقوفة ؛ لأنّه وإن لم يكن منافع المسجد ـ مثلا ـ ملكا للمسلمين ، بل لهم فيه حقّ الانتفاع ، إلّا أنّ تلك الإضافة الّتي تعتبر عند العقلاء بين العين والموقوف عليهم ، كذلك تعتبر بينهم وبين منافعه.
فإن آجر الغاصب المسجد ـ مثلا ـ وأخذ مال الإجارة يجب عليه ، بمعنى أنّه ضامن أن يصرفها في الأعيان الموقوفة ، بل للمسلمين إلزامه ، بأن يأخذوا عنه المنافع ، لا لكونها مالا لهم بل لكونها متعلّقا لحقوقهم ، فيصرفوها في العين الموقوفة من حصير المسجد أو تعميره وغير ذلك ، ولكن لهم ذلك بعنوان الأمر بالمعروف ، أو يكون منعهم بعنوان النهي عن المنكر ، بل فوق ذلك ، بمعنى أنّهم
__________________
(١) الالتزام بالفرق في غاية الإشكال ، «منه رحمهالله».