يمنعونه عن التصرّف في حقوقهم ويأخذون منه كذلك حقوقهم الّتي لا تتحقّق تلك إلّا بأخذ ما ينشأ منه هذه الحقوق ، عينا كان أم منفعة ، أمّا العين فهو واضح كيف يكون منشأ لحقوقهم وأمّا المنافع ؛ فلأنّ السنة الّتي آجر فيها المسجد الغاصب ـ مثلا ـ كان للموقوف عليهم في هذه السنة الانتفاع من المسجد ، فقد منعهم الغاصب عن ذلك ، فاستوفى تلك [المنافع] من متعلّق حقوقهم ، ففي الحقيقة هذه المنفعة نشأت من منع حقوقهم واختصاص الانتفاع بنفسه ، الّذي يكون غيره شريكا [معه] فيه ، فغير الغاصب يأخذ منه هذه المنافع ويصرفها في الوقف ؛ لكونها أيضا متعلّقة لحقّه ، فتأمّل!
وأمّا لحاظ الإتلاف فيها ؛ وإن كان المعروف أنّه «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» (١) والمفروض أنّ الموقوفات العامّة ليست ملكا (مالا) لأحد ولكن لا إشكال في أنّ هذه القضيّة ليست حديثا مأثورا حتّى نلتزم في تطبيقها على الموارد برعاية ألفاظها ومدلولها الظاهرة فيه ، ولا نتجاوز عن ظاهرها أصلا ، بل هي قاعدة مستفادة من تطبيقها على الموارد الخاصّة الّتي منها قوله عليهالسلام : «من أضرّ بطريق المسلمين فهو ضامن» (٢).
ولا ريب أنّ هذا ملاكه بعينه متحقّق في مثل إضرارهم بإتلاف مطلق متعلّق حقوقهم ، كالمسجد والرباط والخان وغيرها ، فمن خرّب مسجدا أو نحوه فهو ضامن له ، وللمسلمين إلزامه على بنائه ثانيا وتعميره ؛ لجريان قاعدة الإتلاف هنا أيضا ، كما يجري في مثل الإضرار بطريق المسلمين وجريان ملاكه في مثل
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٦٠ ، ولاحظ! القواعد الفقهية : ٢ / ٢٨.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٩ / ٢٤١ الحديث ٣٥٥٤٠.